الرئيسية
تدريس أصوات اللغة وحروفها(10 ــــ 23)
عبد الحفيظ خضر بادي
تبدأ الخلوة بتعليم الحُوار كتابة حروف اللغة العربية (حروف الهجاء) ومعرفة أصوات تلك الحروف, فهناك فرق بين الحرف وصوت الحرف, فالحروف هي التي نكتبها بأيدينا ونراها بأعيننا, أما الأصوات فننطقها بألسنتنا ونسمعها بآذاننا. كما أن الحروف تعتمد على جمال الرسم ودقة الكتابة, ولكن الأصوات تعتمد على صحة النطق وسلامة السمع.
فعندما يأتي الحُوار الجديد للخلوة , فعادة ما يكون أمياً لا يعرف الكتابة ولا القراءة, فيبدأ الشيخ عجلاوي بتعليم هذا الحوار بنفسه, فيكتب له حروف اللغة العربية مرتبة بخط كبير وواضح على لوحه, يعتمد في تقسيمها على أشكالها المتشابهة, حيث يبدأ بـ: أ ب ت ث ثم تأتي مجموعة أخرى متشابهة الرسم, وهي: ج ح خ ثم د ذ ر ز ثم تعقبها المجموعة الأخرى المتشابهة في رسمها كذلك, وهي: س ش ص ض وهكذا. ففي كل يوم يتابع الشيخ عجلاوي كتابة الحوار للحروف مع نطق أصواتها, وكثيرا ما تختلط هذه الحروف على الحوار المبتدئ, ولكنه سرعان ما يتجاوز تلك الصعوبة بالمراجعة المستمرة والتدريب المُكثَّف. وكثيراً ما يكلف الشيخ عجلاوي واحداً من الحيران المتقدمين في الحفظ, الذين حفظوا شطرا جيدا من القرآن الكريم, جزأين أو أكثر بمتابعة الحوار الجديد في كتابة تلك الحروف التي على لوحة ونطقها نطقاً صحيحاً.
ويبدأ التدريب بالكتابة على الرمل "الكتابة على الأرض", فيكتب الحوار المُعلِّم الحرف على التراب بعد تسويته وترتيبه وينطق صوته, ثم يمسك إصبع الحوار ويحركه ليرسم الحرف بطريقة صحيحة, فيكتب الحوار الجديد على نفس الحرف, ويكرر الكتابة على نفس الرسم عدة مرات حتى يتقن طريقة رسم الحرف ويحفظ صوته جيداً, ثم يملأ الحُوار المُعلِّم يده بالتراب ويرسم الحرف بالتراب ليكون بارزاً, فيمرر الحوار بإصبعه على ذلك الحرف المرسوم بالتراب البارز مع نطق صوته حتى ترسخ صورة الحرف وصوته في ذهنه ثم ينتقل للحرف الذي يليه وهكذا.
وكنا في الخلوة نحفظ الحروف الهجائية مرتبة بطريقتين, الطريقة الأولى: الترتيب الألف بائي المتمثل في: ( أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن هـ و لا ي ) كما كنا نحفظها مرتبة بطريقة أخرى, وهي طريقة الترتيب العبري (أبْجَدْ هوًّز حُطِّي كَلَمُن سَعَفَص قَرَشَت ثَخَذٌ ضَظَغٌ) وكلا الترتيبين يشتمل على كل حروف الهجاء, ليتعود الحُوار على نطق كل حروف اللغة الثمانية والعشرين حرفاً بصورة صحيحة ومتقنة.
ثم تأتي بعد ذلك مرحلة وضع الحركات على الحروف وهو ما نسميه بالأصوات القصيرة, الحرف عليه فتحة أو كسرة أو ضمة أو سكون, مثل: أَ أِ أُ أْ .. بَ بِ بُ بْ .. تَ تِ تُ تْ وهكذا إلى نهاية الأصوات القصيرة, ثم تأتي مرحلة أخرى مكملة للأولى وهي تعليم الأصوات الطويلة, ونعني بها الحرف وبعده صوت طويل حرف من حروف المد, وحروف المد هي: الألف والواو والياء, والأصوات الطويلة هي حروف المد نفسها: الألف والواو والياء, ويتمثل ذلك في: بَا بِي بُو وكنا نقول بَا جاب ألف, بِي جيب ياء, بُوا جاب واو وألف. ولعل المنهج المتبع في تدريس الخلوة قديماً يسير على نسق القاعدة البغدادية والقاعدة النورانية. ثم تأتي مرحلة تدريس الشدة المفتوحة, والشدة المكسورة, والشدة المضمومة, وتوضيح معنى الشدة على الحرف, وطريقة نطق الحرف المشدد بالحركات المختلفة. ويصحب التدريس تدريبات مكثفة ودقيقة على الكتابة والنطق. ثم يعقب الشدة تدريس التنوين بالفتحتين والكسرتين والضمتين. مع توضيح الفرق بين التنوين والنون في آخر الكلمة. وهكذا يستمر التدريس والتدريب مع كل طالب, إلى أن يتعلم نطق كل أصوات اللغة بطريقة صحيحة.
وأود أن أُشير إلى معلومة مهمة جدا وهي أن عدد حروف اللغة العربية 28 حرفاً فقط ولكن أصواتها كثير جداً لا يستطيع شخص حصرها, ويتضح لنا ذلك من خلال هذا المثال التالي: فحرف الباء دائما يأتي على هذا الشكل ب ولكن أصواته كثيرة, منها: بَ بِ بُ بْ بَا بِي بُو باً بٍ بٌ بَّ بِّ بُّ وغيرها. وهذه الأصوات نسميها الأصوات التركيبية, وهناك أيضاً الأصوات فوق التركيبية وهي التي ننطقها ولا نكتبها مثل: حالات الإظهار والإخفاء والإدغام والإقلاب, المتمثلة في النبر والتنغيم.
عبد الحفيظ خضر محمد بادي
قرية الحميراب
عبد الحفيظ خضر بادي
تبدأ الخلوة بتعليم الحُوار كتابة حروف اللغة العربية (حروف الهجاء) ومعرفة أصوات تلك الحروف, فهناك فرق بين الحرف وصوت الحرف, فالحروف هي التي نكتبها بأيدينا ونراها بأعيننا, أما الأصوات فننطقها بألسنتنا ونسمعها بآذاننا. كما أن الحروف تعتمد على جمال الرسم ودقة الكتابة, ولكن الأصوات تعتمد على صحة النطق وسلامة السمع.
فعندما يأتي الحُوار الجديد للخلوة , فعادة ما يكون أمياً لا يعرف الكتابة ولا القراءة, فيبدأ الشيخ عجلاوي بتعليم هذا الحوار بنفسه, فيكتب له حروف اللغة العربية مرتبة بخط كبير وواضح على لوحه, يعتمد في تقسيمها على أشكالها المتشابهة, حيث يبدأ بـ: أ ب ت ث ثم تأتي مجموعة أخرى متشابهة الرسم, وهي: ج ح خ ثم د ذ ر ز ثم تعقبها المجموعة الأخرى المتشابهة في رسمها كذلك, وهي: س ش ص ض وهكذا. ففي كل يوم يتابع الشيخ عجلاوي كتابة الحوار للحروف مع نطق أصواتها, وكثيرا ما تختلط هذه الحروف على الحوار المبتدئ, ولكنه سرعان ما يتجاوز تلك الصعوبة بالمراجعة المستمرة والتدريب المُكثَّف. وكثيراً ما يكلف الشيخ عجلاوي واحداً من الحيران المتقدمين في الحفظ, الذين حفظوا شطرا جيدا من القرآن الكريم, جزأين أو أكثر بمتابعة الحوار الجديد في كتابة تلك الحروف التي على لوحة ونطقها نطقاً صحيحاً.
ويبدأ التدريب بالكتابة على الرمل "الكتابة على الأرض", فيكتب الحوار المُعلِّم الحرف على التراب بعد تسويته وترتيبه وينطق صوته, ثم يمسك إصبع الحوار ويحركه ليرسم الحرف بطريقة صحيحة, فيكتب الحوار الجديد على نفس الحرف, ويكرر الكتابة على نفس الرسم عدة مرات حتى يتقن طريقة رسم الحرف ويحفظ صوته جيداً, ثم يملأ الحُوار المُعلِّم يده بالتراب ويرسم الحرف بالتراب ليكون بارزاً, فيمرر الحوار بإصبعه على ذلك الحرف المرسوم بالتراب البارز مع نطق صوته حتى ترسخ صورة الحرف وصوته في ذهنه ثم ينتقل للحرف الذي يليه وهكذا.
وكنا في الخلوة نحفظ الحروف الهجائية مرتبة بطريقتين, الطريقة الأولى: الترتيب الألف بائي المتمثل في: ( أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن هـ و لا ي ) كما كنا نحفظها مرتبة بطريقة أخرى, وهي طريقة الترتيب العبري (أبْجَدْ هوًّز حُطِّي كَلَمُن سَعَفَص قَرَشَت ثَخَذٌ ضَظَغٌ) وكلا الترتيبين يشتمل على كل حروف الهجاء, ليتعود الحُوار على نطق كل حروف اللغة الثمانية والعشرين حرفاً بصورة صحيحة ومتقنة.
ثم تأتي بعد ذلك مرحلة وضع الحركات على الحروف وهو ما نسميه بالأصوات القصيرة, الحرف عليه فتحة أو كسرة أو ضمة أو سكون, مثل: أَ أِ أُ أْ .. بَ بِ بُ بْ .. تَ تِ تُ تْ وهكذا إلى نهاية الأصوات القصيرة, ثم تأتي مرحلة أخرى مكملة للأولى وهي تعليم الأصوات الطويلة, ونعني بها الحرف وبعده صوت طويل حرف من حروف المد, وحروف المد هي: الألف والواو والياء, والأصوات الطويلة هي حروف المد نفسها: الألف والواو والياء, ويتمثل ذلك في: بَا بِي بُو وكنا نقول بَا جاب ألف, بِي جيب ياء, بُوا جاب واو وألف. ولعل المنهج المتبع في تدريس الخلوة قديماً يسير على نسق القاعدة البغدادية والقاعدة النورانية. ثم تأتي مرحلة تدريس الشدة المفتوحة, والشدة المكسورة, والشدة المضمومة, وتوضيح معنى الشدة على الحرف, وطريقة نطق الحرف المشدد بالحركات المختلفة. ويصحب التدريس تدريبات مكثفة ودقيقة على الكتابة والنطق. ثم يعقب الشدة تدريس التنوين بالفتحتين والكسرتين والضمتين. مع توضيح الفرق بين التنوين والنون في آخر الكلمة. وهكذا يستمر التدريس والتدريب مع كل طالب, إلى أن يتعلم نطق كل أصوات اللغة بطريقة صحيحة.
وأود أن أُشير إلى معلومة مهمة جدا وهي أن عدد حروف اللغة العربية 28 حرفاً فقط ولكن أصواتها كثير جداً لا يستطيع شخص حصرها, ويتضح لنا ذلك من خلال هذا المثال التالي: فحرف الباء دائما يأتي على هذا الشكل ب ولكن أصواته كثيرة, منها: بَ بِ بُ بْ بَا بِي بُو باً بٍ بٌ بَّ بِّ بُّ وغيرها. وهذه الأصوات نسميها الأصوات التركيبية, وهناك أيضاً الأصوات فوق التركيبية وهي التي ننطقها ولا نكتبها مثل: حالات الإظهار والإخفاء والإدغام والإقلاب, المتمثلة في النبر والتنغيم.
عبد الحفيظ خضر محمد بادي
قرية الحميراب